الأحد، 19 أبريل 2015

طِبْ نفساً..!

"دع الأيام تفعل ما تشاء.    وطب نفساً إذا حكم القضاء" 
الشافعي 
أقدارنا سترت عنا لحكمة عظيمة ، وفائدة جليلة ، فنسير ونختار ونحذر ونستعد ونقلق ونقتل انفسنا وأرواحنا هموماً وغموماً ، ولا يحصل إلا ما كتب لنا! لنردد بعدها لاينجي حذرٌ من قدر ..! 
يوسف عليه السلام ، خاف عليه أبوه فاعتذر عن إرساله مع أخوته ، فلم يغنيه ذلك العذر وذهب يوسف بقدر الله معهم وغاب عن أبيه طويلاً وكان أمر الله قدراً مقدوراً ..
أم موسى عليه السلام ، فعلت جميع الأسباب التي في ظنها تنجي ابنها من أن يقع في يد فرعون وجنوده فانفلت الحبل وسار الصندوق في اليم ليكون بين يدي آسية زوجة فرعون ويتربى في قصر من يريد قتله .
وفي حياتنا الكثير الكثير من الأحداث التي تشابهها في حصول ما أخذنا حذرنا واستعدادنا منه ونكتشف بعد حين أن ذلك خيرٌ وكل الخير ..
يقال : لاتفكر كثيراً بل استغفر كثيراً فللأمور رب يدبرها ، وللمشاكل رب يحلها ، والله لايعجزه شيء ..
إننا مع كل عام ينقضي من أعمارنا ، نكتشف أن بعض تصرفاتنا في العام المصرم غير منطقية ، فترانا نضحك على ذلك الموقف ، ونسخر من ردة فعلنا تجاه تيك الحادثة ..
حياتنا مليئة بالدروس ، ومليئة بالجمال ، ومليئة بالفرح ومليئة بالخيرات فقط إن أردنا أن نظر لها من هذا المنظور ..
ومليئة بالسخف والسخرية ، والقبح ، والحزن ، والشرور فقط إن نظرنا لها من هذا الجانب ..
فاختر من أي نافذة تنظر ، والمؤمن أمره كله خير ، فكن كما اخترت لنفسك ..
إن أمور الحياة أبسط من أن نعقدها ، وأجمل من أن نجملها ، دع الأيام تفعل ما تشاء ، وتوكل على الله ، افعل المستطاع من الأسباب ، أفرح ، اضحك ، انتظر الفرج من رب العالمين ، فما خاب من أحسن الظن به ، ولا عاد صفر اليدين من دعاه ، ولِتُري الله منك خيراً إن جاءت الأمور كما تحب فاشكر الله وإن كانت عكس ذلك فاصبر ففي كلا الحالتين أنت في اختبار والنتائج ستعلن يوم القيامة فمنهم شقي وسعيد ..
جعلنا الله وإياكم من السعداء ، ووفقنا وإياكم لطاعته ورزقنا فوق ما نأمل وأعلى مما نطلب ودمتم بود ..

الجمعة، 8 أغسطس 2014

(وكانوا فيه من الزاهدين..)


 

 

يحدث أحياناً أن يزهد فينا من نحب ، ويزهد فينا مانريد من أمنيات وأحلام ، بسبب وبدون سبب !

أن يزهد فيك من تحب ألم ليس كأي ألم ، ووجع لايرجى برؤه ، وجرح لا يلتأم ..

وأشد ألماً أن يزهد فيك حلمك ، الذي ما فتأ يراودك صباح مساء ..!

والسؤال الذي يرد ما سبب ذلك ؟

والإجابة على هذا السؤال صعبةٌ بصعوبة السؤال نفسه ، ومما يطمئن النفس ويهدئ الروع ، ويصرف وساوس الشيطان أن تتذكر أن لله في كل ما يحدث لك حكمة بالغة ، ولنا فيما يحصل مصلحه كبيره اختارها اللطيف بنا  ..

كنت قبل يومين استمع لسورة يوسف عليه السلام وعند قوله تعالى : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) ،  توقفت كثيراً وكأنني اسمعها لأول مرة ، سمعتها فتذكرت نهاية القصة  والمنزلة العظيمة التي بلغها يوسف عليه السلام  في الدنيا والآخرة ..

نعم كانوا فيه من الزاهدين ، وأصبح عزيز مصر !!

الحقيقة أن هذه الآية نقلتني من مشاعر اليأس إلى بحر من الأمل ، ومن وحل الطاقة السلبية إلى حقول من الطاقة الإيجابية ..

حقيقة الذي يتأمل سورة يوسف يتعجب من كل آية ، ومن جمال القصة التي لاتمل النفس من تكرارها ولا تأملها مرة بعد مرة ، أدب يوسف عليه السلام مع ربه ومع خلقه لا يوصف ، وحسن ظن يعقوب عليه السلام فوق ما يتصور ، وفضل الله أعظم من كل شيء ، ولطفه يظهر في كل أمر ..

لذا يا أخيّ ويا أخيه ..

إياك أن يغلبك الشيطان فتسيء الظن بربك ، ولا أن تخدعك مسارات أمورك حالياً لتسخطك من حكم ربك ، قد نتعثر اليوم وغداً ولكن لنا في بعد غدٍ أمل كبير ، ولنا في ربنا حسن ظن يجب أن نتحلى به ،  فربنا حقق لكثير من أنبياءه أمور في نظرنا من المستحيلات ،  ولا يزال فضله واسع وخيره عظيم لمن صدق معه  ولك في قصص الأنبياء عبرة ، كزكريا وإبراهيم وأيوب وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ،  ولا سبيل لإدراك هذا الأمر إلا بتدبر القرآن وتلاوته أناء الليل  وأطراف النهار ،  والإلحاح على الله  في الدعاء بما نريد،  فيهنأ القلب وتسكن الروح رضا بما قضى  رب العالمين وأمل فيما عنده من الخير الكبير  ..

ختاماً ..

يقول الشيخ صالح المغامسي :

( من استعان بالله وفقه وسدده وأعانه في جميع شؤون حياته  ، [ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ] )..

وفقنا الله وإياكم لطاعته ، وزرقنا حسن الظن به ، وصدق التوكل عليه ،  وجعلنا مباركين أينما  كنا  ، ودمتم بود.

الجمعة، 1 أغسطس 2014

وقفات مع آيات ..


الحمد لله على فضله بلغنا رمضان ، وأتم الفرحة ببلوغنا العيد مع أحبتنا فله الحمد من قبل ومن بعد لا إله غيره ولا رب سواه،

مما لايخفى على الكثير منا أن رمضان شهر القرآن ، وليس معنى ذلك أن الناس لا تقرأ القرآن إلا في رمضان فقط !

محال هذا الأمر.. ولكن قراءتك في رمضان تختلف بأختلاف روحانية هذا الشهر المبارك ، يرق قلبك وتدمع عينك عند آيات لو قرأتها قبل رمضان لما حصل هذا الأمر ، ومما استوقفنا من الآيات في هذا الشهر ما نحن بصدد طرحه هنا وهذا في نظري ليس تفسيراً ولا تدبراً بل كلمات أخرجها القلب حينما لامسته كلمات هذا الكتاب العظيم ، وأدبته وعلمته وعاتبته ووجهته فمما استوقفنا هذه الآيات :

قال تعالى :( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير  )

علمتني هذه الآية أن لا أحقر من المعروف شيئاً ، ابتسامة بسيطة ، كلمة طيبة ، ريال تصدقت به ،  مواساة أخت أو أخ قد أعدها أموراً بسيطة جداً ، لكن كلها خير وسنجده عند الله بشرط أن نقصد بفعله وجه الله ، والله يضاعف لمن يشاء والله ذو الفضل العظيم ..

قال تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لايتبعون ما انفقوا مناًولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفُ عليهم ولاهم يحزنون )

عندما تعطي نقِ  قلبك ، ولا تطلب على ما تقدم شيئاً وانساه فور إعطاءك ..وإذا راودتك نفسك بشيء من المنة أدبها بهذه الآية وتوقف كثيراً عند قوله ( لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون ) فو الله أن هذه الآية تنسيك  تلك الأفكار الرديئة من المنة والأذى .

قال تعالى : ( نعم العبد إنه أواب ) ..

قال سفيان رحمه الله عند هذه الآية :

"أثنى الله على عبدين ابتليا : أحدهما صابر ، والآخر شاكر ، ثناء واحدا . فقال لأيوب ولسليمان نعم العبد إنه أواب"  

 نحن نتقلب بين نعم وابتلاءات هل يا ترى سيقال عن أحدنا نعم العبد ، أمرٌ يستحق التوقف والاعتبار كثيراً نسأل  الله العون والتوفيق ..

ختاماً :

هذه بعض الآيات التي استوقفتنا خلال شهر رمضان وما لم يذكر هنا كثير ، نسأل الله  بمنه وكرمه أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا وأن يجعلنا من أهل القرآن  الذين هم أهله وخاصته ونكرر ما سبق ليس تفسيراً ولا تدبراً هي فقط كلمات خرجت بعد قراءة كل آيه ومشاعر أبت أن تحبس وإلا فكتاب الله كله من أعظم المواعظ وأجلها ولا يسعني في الختام إلا أن أذكر نفسي وأذكر أحبتي بقول  عمر رضي الله عنه : تعلموا القرآن تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله )

وفقنا الله وإياكم لطاعته ورزقنا فوق ما نأمل وأعلى مما نطلب وكل عام والجميع لله أقرب .

الجمعة، 20 يونيو 2014

رسم تخطيط القلب ..


 

 

حياتنا مليئة بالتقلبات ، نرتفع مرة وننخفض أخرى ، ونفرح مرات ونحزن أكثر ، وننجح أحيان ونفشل أحياناً أخرى وعلى هذه الفكرة والسنة الكونية تدور حياتنا وتتقلب أيامنا ..

الذكي الحصيف من وطن نفسه في هذه الدنيا على تقبل الحياة بكل ما فيها من حلو ومر ، وسهل وحزَن ، ومحبوب ومكروه ، ومما يرتبط بهذا الأمر إدراكه أنه عبدٌ لله يتصرف فيه كما يشاء ، وكل ما اختاره الله له خيراً وفي هذا الأمر يقول عمر رضي الله عنه " مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْتُ ، عَلَى مَا أُحِبُّ أَوْ عَلَى مَا أَكْرَهُ ، وَذَلِكَ لأَنِّي لا أَدْرِي الْخَيْرَ فِيمَا أُحِبُّ أَوْ فِيمَا أَكْرَهُ " ، والخير كل الخير فيما يختاره الله لنا ..

فيا أحبتي ..

دعوا الخوف والقلق والهم ، فو الله ما نفع الخوف من خاف ، ولا أضر للنفس والقلب من القلق والهم ، وللأمور رب يدبرها في صالحنا ، وإن لم تعجبنا ، ورب أرحم بنا من أمهاتنا وأحبابنا أحق أن نثق به ونتوكل عليه في السر والعلن وأن نعمل بما جاء في حديث ابن عباس الشهير (( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) ..هذا الحديث ينبغي أن يدون  على قلوبنا ويحفظ ويدرس ويجعل دواء للأمراض المتعلقة بالخوف والهم والقلق ..

وفي الختام ..

تذكر قول أحدهم وقد أصاب في هذا الأمر كثيراً :

[ لا تتضايق إذا وجدت في حياتك بعض التقلبات ، هذا أمر صحي !

لأن حياتك مثل رسم تخطيط القلب ، إذا كان على خط واحد فهذا يعني أنك ميت ]

وتذكر دائماً وأبداً قول الباري جل في علاه : (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ..

وفقنا الله وإياكم لطاعته ورزقنا فوق ما نأمل وأعلى مما نطلب وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود ..

الجمعة، 13 يونيو 2014

طرقٌ جديدة..


"ينبغي للعاقل أن ينتهي لغاية ما يمكنه ، فلو كان يتصور للآدمي صعود السموات لرأيت من أقبح النقائض رضاه بالأرض "

                                                     ابن الجوزي

 

الطموح علامة على راجحة العقل ، ودليل على سمو النفس ، والكريم لا يرضى بالأقل ، ولا تجده بين سفاسف الأمور وخوارم المروءة والتي منها الرضى بالدون والتطلع لصغائر الأمور وخشية كبارها وعظائمها ..

وفي وقت تتسارع فيه وتيرة التقدم ، وينافسك على العلى أناس كثر على مختلف أجانسهم وأديانهم ومشاربهم ينبغي عليك أيها الموفق أن تسلك طرقاً مختلفة وترسم أهدافاً سامية تليق بك كفردٍ من خير أمةٍ أخرجت للناس ، ونحن على مشارف أفضل شهرٍ في السنة ، حريٌ بنا أن نخطط لاستغلال هذا الشهر المبارك أفضل استغلال وألا يكون حالنا كحالنا فيه في العام الماضي بل أفضل بكثير ..

تذكر رمضانك الماضي ودون أخطاءك وإيجابياتك وحاول تصحيح الأخطاء في هذا الشهر القادم ، عادة سيئة لديك فرصة للتخلي عنها في هذا الشهر ، قمت بعمل رائع العام الماضي كرره بطريقة أخرى وبإبداع أفضل ، نوافلك زدها ، صدقاتك.. أطرق أبواباً جديدة وسبلٌ شتى ، شخصيتك غيرها في هذا الشهر واستمر على ذلك ، فعلماء النفس يجمعون على أن واحد وعشرين يوم كفيلٌ بتعلم عادةٍ جديدة أو التخلص من عادة سيئة ..

لو لاحظنا أحبتي أننا في رمضان نكون مختلفين عن غيره من الأشهر وفي الحج نكون مختلفين تماماً وشخصياتنا جميلةً جداً ومعظمنا يقول : ليت السنة كلها رمضان  وليت السنة كلها حج لما يرى من تغيرٍ للأفضل .

ليلة القدر أعظم ليلة خطط لها من الآن وأدعو الله أن يبلغك إياها وأحبتك والمسلمين وأن يرزقكم عملاً صالحاً يرضاه ..

رمضان لا يأتي إلا مرة واحد كل عام ولعلنا  لا نبلغه هذا العام أو عام قابل لذا جدد النية وخططوا للخيرات فكما تعلمون نية المؤمن أبلغ من عمله وربنا أكرم الأكرمين يعطينا الكثير على العمل القليل فلنرِ الله من  أنفسنا خيراً ..

وفقنا الله وإياكم لطاعته ، ورزقنا فوق ما نأمل وأعلى مما نطلب وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود .

السبت، 31 مايو 2014

أعرف قدرك ..!


عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ"
                   " وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها"
                   " وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

                        المتنبي

يحكى أن الليث بن سعد -الفقيه وشيخ الإسلام في مصر- كان يتاجر في العسل وذات يوم رست سفينة له محملة بالعسل ، وكان العسل معبأ في براميل فأتت عجوز تحمل وعاءًا صغيراً  ..

وقالت له: أريد منك أن تملأ هذا الوعاء عسلا،  فرفض وذهبت تلك السيدة..

ثم أمر الليث مساعده أن يعرف عنوان تلك السيدة ويأخذ لها برميلاً كاملاً من العسل فتعجب الرجل وقال له:

لقد طلبت كمية صغيرة فرفضت وها أنت الآن تعطيها برميلا كاملاً!

فرد عليه الليث بن سعد : يا فتى إنها تطلب على قدرها وأنا أعطيها على قدري..

مما ينبهر منه دائماً اتقان الغرب  لأعمالهم ، وإخلاصهم في آدائها ونحن أحق بذلك منهم لأننا أمة

  ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاٌ أن يتقنه )

نحن ننتقد من لا يحافظ على وقته ونتعجب من  محافظة الغرب على أوقاتهم ، وبعضنا يؤخر الصلاة ونسي ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ) ..

نحن نتعجب من تقدم الغرب وما تقدموا إلا بالعلم وهناك من يسخر منا حينما نكثر القراءة ونتباحث في أمر مفيد في المجالس ونسي أننا أمة أول كلمة أنزلت عليها كلمة ( اقرأ) ..

لنعود إلى أصلنا ، ونتحلى بأخلاق الكرام وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونلتزم بكتابنا الكريم خير الكتب ومنبع الثقافة وأساس الأخلاق والآداب ، ولنعرف قدر أنفسنا وقدر أمتنا فأمة قال الله عنها في كتابة  :  ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) حري بمن ينتمي لها أن يقدم أفضل ما لديه فأعط وأبذل وأعمل على قدر نفسك الكريمة ، وبما يوجه به كتاب ربنا وسنة خير الخلق أجمعين تكن من أفضل الناجحين على الإطلاق في الدنيا والآخرة بإذن الله ..

وفقنا الله وإياكم لطاعته ورزقنا حسن الخلق ، وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود  .

السبت، 24 مايو 2014

إنها تسير خلفنا ..

"دخل رجل عربة القطار ، وبصحبته ابنه الذي يبلغ من العمر ستاً وعشرين عاماً وكانت تظهر على الشاب تعابير الدهشة من كل شيء حوله ، وكان في قمة الفرح والسعادة ..
كان ينظر إلى كل شيء حوله كأنه معجزة أو تحفة نادرة ..
بدأ الشاب بالتعجب مما حوله ، يلمس شعر هذا ، ويحدق في عيني ذاك ، يدقق في كل شيء ويلفت انتباهه أبسط الأشياء وأتفهها ..
جلس الرجل وابنه بجانب رجل وزوجته ..
بدأ الشاب بسؤال والده : ما هذا يا أبي ؟
أجاب الأب : هذه شجرة ..
ضحك الابن وقال : إنها تسير خلفنا !!

ابتسم الأب مجارياً ابنه ، وأردف الابن سائلاً :  ما هذه أيضاً يا أبي ؟
أجاب الأب الحنون : إنها غيوم يا بني ..
رد الابن : إنها نظيفة ومبعثرة ومد يده ليلمس الغيوم ..
سأل الابن مرةً أخرى : ما هذا يا أبي ؟
رد الأب : هذه هي الشمس يا عزيزي ..
قال الابن : لم تلاحقنا يا أبي ؟
ابتسم الوالد ومسح رأس ابنه ..
وما زال الشاب يسأل والده وكل سؤال أتفه من السابق والوالد يجيب بكل سعادة ..
الأمر الذي أثار غضب الرجل وزوجته فقال الزوج للأب : عليك أن تأخذ ابنك للعلاج ، فمن الواضح أنه مختل عقلياً!!
ابتسم الأب وقال بهدوء : للتو خرجنا من المستشفى وابني ولد أعمى وبالأمس أبصر ، لذا هو فرح ويسأل لأنه لم يرى هذه الأشياء من قبل .. "


**
كم مرةً مررنا بموقف مشابه ، وكم مرةً فسرنا أمورا وحكمنا على أشخاص ، وربما تجاوز بعضنا الحكم على الأشخاص وتصرفاتهم وحكم على نواياهم !!

لكل  شخص منا ظروفه ، ولكل منا أسراره التي يحتفظ بها ، ولا يريد كائناً من كان أن يعلم بها وبعضنا مع الأسف يفسر تصرفاتنا وكلماتنا التي أتت عفويه بمنظوره الشخصي ومن خلال تجربته الشخصية التي تختلف تماما عن ما نمر به ..
الناجح  منا يا أحبه من شغله عيبه عن عيوب الناس وأمسك عليه لسانه ، وأحسن الظن ,, وراقب الله في كل ما يقول ويفعل ..  
وفقنا الله وإياكم لطاعته ، ورزقنا قلوب الأطفال وعقول الحكماء ، وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود ..