السبت، 31 مايو 2014

أعرف قدرك ..!


عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ"
                   " وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها"
                   " وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

                        المتنبي

يحكى أن الليث بن سعد -الفقيه وشيخ الإسلام في مصر- كان يتاجر في العسل وذات يوم رست سفينة له محملة بالعسل ، وكان العسل معبأ في براميل فأتت عجوز تحمل وعاءًا صغيراً  ..

وقالت له: أريد منك أن تملأ هذا الوعاء عسلا،  فرفض وذهبت تلك السيدة..

ثم أمر الليث مساعده أن يعرف عنوان تلك السيدة ويأخذ لها برميلاً كاملاً من العسل فتعجب الرجل وقال له:

لقد طلبت كمية صغيرة فرفضت وها أنت الآن تعطيها برميلا كاملاً!

فرد عليه الليث بن سعد : يا فتى إنها تطلب على قدرها وأنا أعطيها على قدري..

مما ينبهر منه دائماً اتقان الغرب  لأعمالهم ، وإخلاصهم في آدائها ونحن أحق بذلك منهم لأننا أمة

  ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاٌ أن يتقنه )

نحن ننتقد من لا يحافظ على وقته ونتعجب من  محافظة الغرب على أوقاتهم ، وبعضنا يؤخر الصلاة ونسي ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ) ..

نحن نتعجب من تقدم الغرب وما تقدموا إلا بالعلم وهناك من يسخر منا حينما نكثر القراءة ونتباحث في أمر مفيد في المجالس ونسي أننا أمة أول كلمة أنزلت عليها كلمة ( اقرأ) ..

لنعود إلى أصلنا ، ونتحلى بأخلاق الكرام وعلى رأسهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونلتزم بكتابنا الكريم خير الكتب ومنبع الثقافة وأساس الأخلاق والآداب ، ولنعرف قدر أنفسنا وقدر أمتنا فأمة قال الله عنها في كتابة  :  ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) حري بمن ينتمي لها أن يقدم أفضل ما لديه فأعط وأبذل وأعمل على قدر نفسك الكريمة ، وبما يوجه به كتاب ربنا وسنة خير الخلق أجمعين تكن من أفضل الناجحين على الإطلاق في الدنيا والآخرة بإذن الله ..

وفقنا الله وإياكم لطاعته ورزقنا حسن الخلق ، وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود  .

السبت، 24 مايو 2014

إنها تسير خلفنا ..

"دخل رجل عربة القطار ، وبصحبته ابنه الذي يبلغ من العمر ستاً وعشرين عاماً وكانت تظهر على الشاب تعابير الدهشة من كل شيء حوله ، وكان في قمة الفرح والسعادة ..
كان ينظر إلى كل شيء حوله كأنه معجزة أو تحفة نادرة ..
بدأ الشاب بالتعجب مما حوله ، يلمس شعر هذا ، ويحدق في عيني ذاك ، يدقق في كل شيء ويلفت انتباهه أبسط الأشياء وأتفهها ..
جلس الرجل وابنه بجانب رجل وزوجته ..
بدأ الشاب بسؤال والده : ما هذا يا أبي ؟
أجاب الأب : هذه شجرة ..
ضحك الابن وقال : إنها تسير خلفنا !!

ابتسم الأب مجارياً ابنه ، وأردف الابن سائلاً :  ما هذه أيضاً يا أبي ؟
أجاب الأب الحنون : إنها غيوم يا بني ..
رد الابن : إنها نظيفة ومبعثرة ومد يده ليلمس الغيوم ..
سأل الابن مرةً أخرى : ما هذا يا أبي ؟
رد الأب : هذه هي الشمس يا عزيزي ..
قال الابن : لم تلاحقنا يا أبي ؟
ابتسم الوالد ومسح رأس ابنه ..
وما زال الشاب يسأل والده وكل سؤال أتفه من السابق والوالد يجيب بكل سعادة ..
الأمر الذي أثار غضب الرجل وزوجته فقال الزوج للأب : عليك أن تأخذ ابنك للعلاج ، فمن الواضح أنه مختل عقلياً!!
ابتسم الأب وقال بهدوء : للتو خرجنا من المستشفى وابني ولد أعمى وبالأمس أبصر ، لذا هو فرح ويسأل لأنه لم يرى هذه الأشياء من قبل .. "


**
كم مرةً مررنا بموقف مشابه ، وكم مرةً فسرنا أمورا وحكمنا على أشخاص ، وربما تجاوز بعضنا الحكم على الأشخاص وتصرفاتهم وحكم على نواياهم !!

لكل  شخص منا ظروفه ، ولكل منا أسراره التي يحتفظ بها ، ولا يريد كائناً من كان أن يعلم بها وبعضنا مع الأسف يفسر تصرفاتنا وكلماتنا التي أتت عفويه بمنظوره الشخصي ومن خلال تجربته الشخصية التي تختلف تماما عن ما نمر به ..
الناجح  منا يا أحبه من شغله عيبه عن عيوب الناس وأمسك عليه لسانه ، وأحسن الظن ,, وراقب الله في كل ما يقول ويفعل ..  
وفقنا الله وإياكم لطاعته ، ورزقنا قلوب الأطفال وعقول الحكماء ، وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود ..

الجمعة، 16 مايو 2014

لحياةٍ مشرقة ..


 

 

البركة في الوقت قليل من يرزقها ، وقليل أكثر من يدرك ذلك ..

الأيام باتت سريعة للغاية ، لا يكاد يبدأ عام حتى ينتهي ..

قد تلاحظون من كنا نعدهم أطفالاً ، هاهم قد كبروا ، ومن تأخرنا حدوثه قد حدث أو اقترب !

أعمارنا تزداد ، وأحلامنا كثرت ، ومتطلباتنا تعددت ، وحياتنا في صخب ..

لو تفقدنا أحلامنا وأهدافنا لوجدنا أنها في الأغلب مادية بحته ، ودنيوية أيضاً

والقليل –إلا ما رحم ربي – من كانت أحلامه وأهدافه أخرويه أو دنيوية ذات تعلق بهدف أخروي أسمى ..

الحديث اليوم يا أخيَّ ويا أخيّه عن أهمية النظر في أهدافنا وأحلامنا ، والتفتيش عن وجود الروح الأخرويه فيها ، والغرض السامي من وراءها ..

لنجعل لحياتنا قيمة ، ولنترك أثراً لن ينسى في الأرض ويتباهى بها في السماء ..

ومما يجعل للحياة رونقاً وبريقاً كلام ربي جل في علاه ، ربيع القلوب ، وراحة النفوس ..

وسبب بركة الوقت وانشراح الصدر ، وذكر الله أيضاً ..

ومما يلاحظ أن الحياة أخذتنا بصخبها وكثرة إغراءاتها ، فأشغلتنا كثيراً –إلا من رحم ربي –عن هذين الأمرين  ..

أصبح البعض منا مع الآسف لا يذكر تلاوة القرآن إلا في رمضان ، والبعض الآخر في كل أسبوع مرة ،  وقد تمضي الأيام والأيام عياذاً بالله ولم يفتح مصحفاً ..

ومما أنصح به نفسي قبل كل أحد ، أن يكون لكل شخص منا ورد من القرآن كل يوم وفي وقت محدد لا يتأخر عنه  ولا ينساه .. وأن يكون لكل شخص مصحف في جيبه أو حقيبته يتلو منه في طريق عمله أو في وقت الراحة أثناء العمل والدراسة ، وأن يحافظ على أوراده وأذكاره كل يوم ، ليس فقط تحصناً من العين والحسد بل لأجل أن يكتب من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات  وهذا أعظم المقاصد وأجلها ، ولنتذكر  دائماً أن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ، ومحبة الله أعظم ما يطمح له الإنسان وأهم ما يحصل عليه ..

الحياة مع القرآن وذكر الله أكثر جمالاً ، وأكثر إشراقاً ، وأعظم رحابة ً ، والموفق منا من كان له النصيب الأكبر من هذين السعادتين التي يغفل عنها معظمنا ويطلبها في غير ذلك .

وفقنا الله  وإياكم لطاعته ، ورزقنا صلاح الساعات والبركة في الأوقات وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم  بود .

السبت، 10 مايو 2014

فصول الحياة ..



الحياة مجموعة فصول ولكل فصل صفات معينة وطقس مختلف..

 السعادة والحزن والأمل واليأس والإحباط والتبلد ..

 والموفق من أستعد لكل فصل بما يقيه منه ،وبما يزيده استمتاعاً بالفصل الجميل ..

وفي أحد فصول الحياة حدثت هذه القصة التي سنرويها اليوم :

فيحكى أن فتاة سألت أختها الكبرى وهي ممدده على فراشها تراقب شجره بالقرب من نافذتها :

كم ورقة باقية على الشجرة ؟؟

 فأجابت الأخت بعين ملؤها الدمع : لماذا تسألين يا حبيبتي؟!!

أجابت الطفلة المريضة:

لأني أعلم أن أيامي ستنتهي مع وقوع أخر ورقه !!

ردت الأخت وهي تبتسم : إذن حتى ذلك الحين سنستمتع بحياتنا ونعيش اياماً جميلة .

مرت الايام ...وتساقطت الأوراق تباعاً ..

وبقيت ورقة واحده...

ظلت الطفلة المريضة تراقبها ظناً منها أنه في اليوم الذي ستسقط فيه هذه الورقة سينهي المرض حياتها .

انقضى الخريف ..وبعده الشتاء ..ومرت السنه.. ولم تسقط الورقة..

والفتاة سعيدة مع أختها.. وقد بدأت تستعيد عافيتها من جديد! ..

حتى شفيت تماماً ...فكان أول ما فعلته أنها ذهبت لترى معجزة الورقة التي لم تسقط !!

فوجدتها ورقه بلاستيكية ثبتتها أختها على الشجرة .1

 
هذه القصة الرمزية يُستفاد منها ..

أن الأمل هو  الوجه الأخر للحياة ، والسعادة ، والقوة ..

لذا مهما صادفك من  مشاكل ، ومهما ظننت أن حياتك انتهت فلا تفقد الأمل ، ومهما استصعب عليك الأمر ، تذكر أن ما انتهى في نظرك أسباب ، و أن مسبب الأسباب موجود سبحانه.

 

وفقنا الله وإياكم لطاعته ، ورزقنا صدق التوكل عليه وحسن الظن به ،وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 مصدر القصة : متوفرة على شبكة الانترنت .

الجمعة، 2 مايو 2014

حقيقة ..


 

"الحياة حلم يوقظنا منه الموت "

                                                   مثل فارسي.

الحياة تجارب وخبرات متراكمة ، ومواقف متعددة ومتباينة ..

نلتقي فيها الكثير ويرحل عنا الكثير ، سفرُ نقابل فيه مختلف الثقافات ونجوب عبره جميع الأماكن ..

نتلقى فيها الامتحانات ، فنتألم ، ومن ثم نتعلم ..

عالم رحب على ضيقه في أعيننا ، وفضاء واسع رغم ضيق صدورنا ..

من لم يفهم الدنيا لن يعيش  سعيداً ، ومن يعاندها يخسر لا محاله ..

نشكو  ضيقها ، و الحق أنها تشكونا ..

 
" نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا       وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ       وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا "                                 



يقول لقمان الحكيم :

"الدنيا بحرٌ عريض قد هلك فيه الأولون والآخرون ، فإن استطعت فاجعل سفينتك تقوى الله وعُدَّتك التوكل على الله ، وزادك العمل الصالح،فإن نجوت فبرحمة الله ،وإن هلكت فبذنوبك. "

                                                  

الموفق يا أحبه من زهد في الدنيا ، ولم يعبأ بها ، فمن ملأت الدنيا قلبه أظلمت الحياة في عينيه ، ومحيت معالم الإنسانية من نفسه ، وأصبح قلبه أقسى من الحجر ،  وغابت السعادة من حياته وفي هذا يقول أحد الشعراء :

 

من رام عيشاً سعيداً يستفيد به       في ديـنـه ثـم فـي دنياه إقبالاً

فليـنـظـرن إلـى من فوقه أدبا        ولينظرن إلى من تحته مالاً

 

وفقنا الله وإياكم لطاعته ، وملأ قلوبنا محبةً له وإقبالاً عليه ،وجعلنا مباركين أينما كنا ودمتم بود.