هذا العنوان اقتبسته من عنوان أحد مؤلفات ابن قيم الجوزية -رحمه الله - تكلم فيه الإمام عن الجنة وصفاتها وأسمائها
وأهلها ودرجاتها ، وهو بحق كتاب ماتع جداً
عنوانه لمن أراد اقتنائه ( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ) وهي بالفعل بلاد الأفراح فلا حزن ولا هم ولا غم ولا عناء أو
شقاء وسيكون حديثي اليوم معكم حول وقفات قصيرة في وصف نعيم الجنة فأبدأ بكتاب الله وهو خير الكتب وأفضلها وأجلها
على الإطلاق ومع آيةً استوقفتني وبالتأكيد استوقفتكم كثيراً في سورة النحل ، يقول ربي جل في علاه:( جَنَّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ
كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ) [النحل : 31] يقول العلامة السعدي رحمه
الله في تفسير قوله تعالى : (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ) "أي مهما تمنته أنفسهم
، وتعلقت به إراداتهم ، حصل لهم على أكمل الوجوه واتمها ، فلا يمكن أن يطلبوا نوعاً من أنواع النعيم الذي فيه لذة القلوب
وسرور الأرواح إلا وهو حاضر لديهم ولهذا يعطي الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه حتى أنه
يذكرهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم "
وفي صحيحي البخاري ومسلم (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم: قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،
ولا خطر على قلب بشر. مصداق ذلك في كتاب الله: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة
أعين جزاء بما كانوا يعملون ).
وفي كتاب الله وسنة
نبينا صلى الله عليه وسلم آيات واحاديث كثيرة
في وصف الجنة ، جعلنا الله وإياكم ووالدينا والمسلمين من أهلها ، وما اخترت الآية الكريمة والحديث الشريف
السابقين إلا اختصاراً للوقت فقط ، ودعوة
لكم للبحث عن بقية الآيات والأحاديث التي لم أذكرها ، وممن قرأت لهم من المعاصرين الكاتب محمد الصوياني مؤلف كتاب(الجنة حين اتمنى )والذي وصفه بأنه ليس
وصفاً للجنة بالمعنى المعروف للوصف بل قال أنه ( مجرد أمنية .. حلم .. إنها دعاء
مسافر دون ملل ) يقول في مقدمته وهي من أفضل مقدمات الكتب التي أثرت فيّ كثيراً و
أجمل ما قرأت في الكتاب :
"الجنة بالنسبة
إليّ ليست مجرد حقيقة قادمة فقط ..
إنها المواعيد التي
تم تأجيلها رغماُ عني ..
والأماكن التي لا
تستطيع الأرض منحي إياها ..
إنها الحب الذي بخلت
به الدنيا ..
والفرح الذي لا تتسع
له الأرض ..
إنها الوجوه التي أشتاقها
.. والوجوه التي حرمت منها ..
إنها نهايات الحدود
وبدايات إشراق الوعود ..
إنها استقبال الفرح
.. ووداع المعاناة والحرمان ..
الجنة زمن الحصول على
الحريات .. فلا قمع ، ولا سياج ، ولا سجون ...
ولا خوف من القادم
والمجهول ..
الجنة موت المحرمات
.. وموت الممنوعات ..
الجنة موت السلطات ..
الجنة موت الملل .. موت التعب ..
موت اليأس .. الجنة
موت الموت .. "
***
إلى كل محزون ومهموم
وكل من ضاقت عليه الأرض بما رحبت اقرأ وصف الجنة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم واتحداك ألا يذهب كل ما تعانيه
سريعا وينقلب شوقاً وترقباً وتحفيزا لعمل الصالحات والزهد في الدنيا ،وتذكر دائماً يا من تريد النجاح وتسعى جاهداً
لنيله أن أعظم نجاح وأجل مطلوب هو ما ذكره الله تعالى في قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا
تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ
وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ). [آل عمران:185]
وفقنا الله وإياكم
لطاعته وأدخلنا الجنة ، وجعلنا مباركين أينما كنا ، ودمتم بود ..