السعادة مطلب كل شخص
، وهدفه الذي يسعى جاهداً لنيله ، ولكن هيهات أن تستمر سعادة لشخص في هذه الدنيا !،
فهي كما لا يخفى عليكم أحبتي, ليست دار كرامة ، لذا نمر بحالات الحزن والقلق
والكآبة وهذه حال الدنيا متقلبة لا تستقر على حال وفي نظري أن من أهم الأسباب في أحزاننا وكآبتنا بعد البعد عن الله ، هو التفكير في ما نفتقده
ونسيان ما نمتلكه !
نعم الله علينا تترا ، ظاهرةً وباطنة ، تحفنا من
بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ولكن للأسف كأننا لا نراها ، ولا نأبه بها – إلا من رحم ربي - وننظر للغير وما
يمتلك ونغض الطرف عن نعمنا التي قد يغبطنا عليها الطرف الآخر ..!
لماذا لا نوقف هذا
الاستنزاف لطاقتنا وصحتنا وإنسانيتنا ورضانا بما كتبه الله لنا قبل كل ذلك .. كثير من خبراء التنمية البشرية يطالبون بإعداد قائمة بالنعم التي يمتلكها الشخص ليدرك حجم السعادة التي تغمره وهو لا يدري
..
وفي صدد الحديث عن
النعم ، لابن القيم رحمه الله وقفة جميلة مع أنواع النعم في كتابه الرائع جداً (
الفوائد ) يقول رحمه الله :
" النعم ثلاثة :
نعمة حاصلة ، يعلم بها العبد ، ونعمةٌ منتظرة يرجوها ، ونعمة هو فيها لا يشعر بها
.
فإذا أراد الله إتمام
نعمته على عبده ، عرفّه نعمته الحاضرة ، وأعطاه من شكره قيداً يقيدها به حتى لا
تشرد ، فإنها تشرد بالمعصية وتقيد بالشكر . ووفقه لعمل يستجلب به النعمة المنتظرة
وبصّره بالطرق التي تسدها وتقطع طريقها ووفقه لاجتنابها .
وإذا بها قد وافت
إليه على أتم الوجوه ، وعرّفه النعم التي
هو فيها ولا يشعر بها ..
ويحكى أن أعرابياً
دخل على الرشيد ، فقال : أمير المؤمنين ، ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها
بإدامة شكرها ، وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته ، وعرفك النعم
التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها . فأعجبه ذلك منه وقال : ما أحسن تقسيمه ."
لقد اختصر عليك ابن
القيم رحمه الله الكثير من الوقت في رحلة بحثك عن السعادة ، وإذا وفقك الباري
لتطبيق ما ذكره ، مع امتلاء قلبك محبة لله
، وحسن ظن به ورضا بما كتب نلت راحة وحياة
طيبة في هذه الدنيا ودرجات عالية في
الآخرة بإذن الله وبفضله ورحمته ..
وفقنا الله وإياكم
لشكر نعمته ورزقنا صدق التوكل عليه وحسن الظن به وجعلنا مباركين أينما كنا ، ودمتم
بود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق