كتبتُ بداية هذا العام المبارك 1435هـ مقالاً حثثتُ فيه نفسي ومن
يقرأه على أهمية التخطيط ووضع الأهداف لما تتمنى تحقيقه في هذا العام ، مضى إلى الأن 25 يوما من أصل 365 يوماً ، وسؤالي
لك بدايةً ماذا حققت خلال هذه الفترة ؟
أكتب ما حققته خلال الخمس
والعشرون يوماً الماضية ، وقطعاً هذه الفترة ليست باليسيرة التي لا تستطيع تحقـيق إنجاز خلالها !
مثلا كم كتاباً قرأت وكم محاضرةً نافعةً استمعت ،وكم برنامجاً هادفاً تابعت، كم من
النوافل أديت وكم آية حفظت وتدبرت وكم ..وكم
..من الأهداف التي رسمتها أنجزت أو بدأت العمل فيها ..؟
الحياة قصيرة جداً وأقصر مما تتخيل، والأيام تمر بسرعة رهيبة ، فلا
تدع لنفسك مجالاً لخلق الأعذار وصناعة المبررات لتقصيرك ! فكم من الناجحين حقق أحلامه في أقل من ذلك –
أعني أقل من خمس وعشرون يوماً- وسأعطيك الدليل في أمر جميعنا نستصعبه ونرى من
المستحيل أن نحققه في أقل من عام وهو تعلم لغة جديدة ، فأحد الصحابة رضوان الله
عليهم أجمعين تعلم العبرية – لغة اليهود – في خمسة عشر يوما فقط بل وأصبح ترجمان
رسول الله صلى الله عليه وسلم !!
ما رأيك الآن أليس التقصير من لدنك ؟ واللغة برئية من اتهامك لها
بالصعوبة ؟ وكذلك كل أهدافك ؟
وإن كنت قد بدأت – وأجزم أنك فعلت ذلك لأنك في نظري من الناجحين -
لكنك وجدت تضارباً في إدارة المهام و-اقصد بها هنا ما تريد تحقيقه- يعني تريد أن
تقرأ كتاباً وتسمتع محاضرة وتحضر درسا وتحفظ سورة وتتعلم لغة و..و.. ولكن لا تجد وقتا فأنا أختصر عليك الوقت
وأعطيك حلاً جربته بنفسي حدد وقت معينا
لإنجاز هذه المهمة بمعنى اليوم قرر أن تقضي قرابة الساعة أو النصف ساعة في قراءة
كتاب وشارك أصحابك ما استفدته من الكتاب على سبيل المثال اقتباساً جميلاً استوقفك أو
معلومة جديدة ، وانشره وما أكثر وسائل التواصل الاجتماعي فتكون استفدت وأفدت
أصدقاءك ومن ثم مجتمعك وبالتالي أصبحت بحول الله عنصراً فاعلا يفخر بك مجتمعك
ووطنك وأمتك أجمع ، وغدا استمع لمحاضرة
وأنت في طريقك للعمل أو الدراسة أو على سريرك أو وأنت تمارس تمارينك اليومية أو
تغسل الأطباق في المطبخ !! وما أكثر الأجهزة صغيرة الحجم عظيمة الفائدة التي تملأ
بيوتنا وأحيانا جيوبنا وحقائبنا للاستماع
لمثل هذه الأشياء ، وطبق ما سمعته من المفيد وأفد غيرك وهكذا وبعد غدٍ خصص وقتاً
لحفظ بعض الآيات وقراءة تفسيرها وتدبرها وهلم جرا .. المعنى خصص وقتا لكل مهمة ولا
تجعلها في يوم واحد ، واستفد وأفد غيرك , وقطعا لديك الكثير الكثير من الأفكار
الجميلة والأفضل من اقتراحي هذا فقط فكر قليلاً ، وأترك غير ذلك من الأمور التي
تشغلك دونما فائدة تعود عليك فالصّديق رضي الله عنه قال : (أصلح نفسك يصلح لك
الناس) ، وأظن أنك فهمت قصدي دون حاجة للشرح ..
ستقول الآن ، لكن إذا فـعـلت
هكـذا فقد يطول الوقت وتنتهي السنة وأنا لم أحقق شيئا من أهدافي ؟
وسأرد عليك : أن تحقق ربع هذه الأهداف أو ثلثها خير من أن لا تحقق
شيئا ، فهناك حكمة جميلة قالها كونفشيوس
– الفيلسوف الصيني - : ( لا يهم
أنك تمشي ببطء المهم ألا تتوقف ) وصدقني بعد مرور وقتاً يسيراً ستجد أنك اكتسبت
عادات جيدة لم تتخيل أنك ستمارسها يوماً ما ، فقط استمر واستمر و استمر و قطعاً ستحقق ما
تريده فقط عليك بالصبر والمثابرة..
وختاماً أحب أن أشاركك جملة قرأتها وأثرت فيّ كثيراً لا أعلم قائلها
ولكن معناها عظيم وهي ( عش كل يوم في
حياتك وكأنه اليوم الأخير فأحد الأيام سيكون كذلك ) وفعلاً لو طبقنا هذه القاعدة
لوجدناها نافعة جداً و لحثتنا على البعد
عن طول الأمل وألغت مبدأ التسويف لدينا ، وأحسن منها وأفضل وأجلّ، آية في كتاب الله لا أظن أنك لم تتوقف عندها
كثيراً وهي قول الباري جل في علاه في سورة النجم : [وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ
يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى
] ، فماذا أعددنا لمثل هذا ..؟
وفقك الله في كل أمر تفعله وبارك لك في وقتك وصحتك ودمت بود ..